الرقية الشرعية: الطريقة الصحيحة

الرقية الشرعية الصحيحة: مفهومها وأهميتها

الرقية الشرعية هي من الوسائل التي حثّ عليها الإسلام للوقاية من الأمراض الروحية والجسدية، وكذلك للعلاج منها. ويمثل هذا الموضوع أهمية كبيرة للمسلمين، خاصةً في ظل العديد من المشاكل الصحية والنفسية التي قد تصيب الإنسان، سواء كانت بسبب الحسد، أو العين، أو المس، أو السحر. ولقد وردت نصوص دينية عديدة تؤكد مشروعية الرقية، وقد شُرعَت كوسيلة لعلاج المؤمنين من كافة أنواع الأذى الروحي والجسدي. في هذا المقال، سنستعرض طريقة الرقية الشرعية الصحيحة، والأدلة الشرعية المتعلقة بها، كما سنناقش بعض الأساليب الخاطئة التي قد يتبعها البعض في استخدام الرقية، فضلاً عن شروط وملاحظات ينبغي مراعاتها أثناء ممارسة الرقية.

تعريف الرقية الشرعية

الرقية الشرعية هي عبارة عن مجموعة من الأدعية والأذكار التي يتم تلاوتها على الشخص المريض، بهدف دفع الأذى عنه سواء كان بسبب الأمراض العضوية أو الروحية، مثل المس، السحر، الحسد، أو العين. وتستند الرقية إلى نصوص قرآنية وأحاديث نبوية، وقد حثَّ النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين على الاستشفاء بالقرآن الكريم.

الأدلة الشرعية على مشروعية الرقية

الرقية الشرعية مأخوذة من الكتاب والسنة، وهناك العديد من النصوص التي تؤكد مشروعيتها:

1. القرآن الكريم:

   • في سورة الإسراء، يقول الله تعالى: “وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ” (الإسراء: 82). هذه الآية تبيّن أن القرآن هو شفاء من جميع الأمراض الروحية والجسدية.

2. الأحاديث النبوية:

   • ثبت في الحديث الصحيح عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرقيني فيقول: بسم الله يُبَرِئُك من كل شيءٍ يؤذيك، ومن شرِّ كل نفسٍ أو عينٍ حاسدٍ، الله يشفِيك، بسم الله يُبَرِئُك” (صحيح مسلم).

   • حديث آخر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فيه: “من استطاع أن ينفع أخاه فليفعل” (رواه مسلم). وهذا الحديث يُحسّن مفهوم الرقية على أنها وسيلة مساعدة للآخرين في علاجهم.

شروط الرقية الشرعية الصحيحة

لكي تكون الرقية الشرعية صحيحة وفعّالة، يجب أن تتوافر بعض الشروط الهامة التي ينبغي أن يلتزم بها الراقي والمريض على حد سواء:

1. النية الصافية:
   يجب أن يكون القصد من الرقية الشفاء والتقرب إلى الله، وليس جلب المال أو الشهرة. النية الصافية تُعد من أهم شروط نجاح الرقية.

2. الاعتماد على الكتاب والسنة:
   يجب أن تقتصر الرقية على ما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة من آيات وأدعية، ولا يجوز استخدام أي كلمات أو تعاويذ غير معروفة أو لا أصل لها في الشريعة الإسلامية.

3. الطهر والنقاء:
   يجب أن يكون الشخص الذي يقوم بالرقية طاهراً، إذ يُستحب أن يكون على وضوء، وفي حالة طهارة تامة، كما يُستحب أن يكون المريض على وضوء كذلك.

4. الإيمان الكامل بالشفاء من الله وحده:
   يجب على الشخص الذي يقوم بالرقية أن يكون مؤمناً أن الشفاء بيد الله تعالى وحده، وأن الرقية لا يمكن أن تثمر إلا بتقدير الله وإرادته.

5. الابتعاد عن الشرك:
   ينبغي الابتعاد عن أي نوع من الشرك أو الخرافات التي قد تتخلل الرقية مثل استخدام طلاسم أو شعوذات أو الاعتقاد أن الراقي هو الذي يشفي بنفسه.

6. الموافقة للطب الشرعي:
   إذا كان المريض يعاني من أمراض جسدية، فيجب ألا تكون الرقية بديلاً عن العلاج الطبي، بل يجب أن تكون مكملاً له. الرقية الشرعية لا تتناقض مع الطب، بل هي وسيلة علاجية إضافية.

كيفية أداء الرقية الشرعية

الرقية الشرعية لها العديد من الأشكال التي يمكن أن تتم حسب الحاجة والوقت والمكان، ويمكن تلخيص الطرق الأساسية للرقية فيما يلي:

1. الرقية بالقرآن الكريم:

القراءة المباشرة للآيات القرآنية التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث النبوية الشريفة تُعد من أبرز طرق الرقية الشرعية. من أهم السور والآيات التي يتم تلاوتها أثناء الرقية:

• الفاتحة: لما فيها من شفاء وقوة في التأثير.

• آية الكرسي (سورة البقرة: 255): لما لها من تأثير قوي في دفع الأذى وحماية الشخص.

• سورة الإخلاص، المعوذات (سورة الفلق وسورة الناس): لما فيها من حماية للإنسان من السحر والعين.

• سورة البقرة: كان النبي صلى الله عليه وسلم يوصي بقراءتها على المريض لأنها تطرد الشياطين من البيت.

يجب على الراقي أن يقرأ هذه الآيات بتركيز، مع التأكد من أن صوته واضح ومرتفع بما يكفي لكي يسمعه المريض.

2. الرقية بالماء والزيت:

يمكن أن يتم تلاوة بعض الآيات القرآنية مثل آية الكرسي، والفاتحة، وسورة الفلق والناس على الماء أو الزيت، ثم يتم استخدامه لغسل الجسم أو دهنه. تُعتبر هذه الطريقة من وسائل العلاج الفعّالة، حيث يعتقد أن الماء والزيت المقرؤ عليهما تُحمل البركة والشفاء.

3. النفث:

في النفث، يقوم الراقي بالنفخ في يديه بعد تلاوة بعض الآيات القرآنية، ثم يقوم بمسح الجسم أو مواضع الألم بيديه. هذا الأسلوب يستخدم في علاج الأمراض الروحية والجسدية ويُعد من الطرق المتبعة في الرقية الشرعية.

4. الرقية الجماعية:

أحياناً قد يُفضل أن تتم الرقية بواسطة مجموعة من الأشخاص، حيث يتلو كل واحد منهم بعض الآيات التي تُقرأ بأدب وتركيز، مما يساهم في تعزيز الشفاء الروحي والجسدي.

الأخطاء الشائعة في الرقية الشرعية

على الرغم من أن الرقية الشرعية هي من وسائل العلاج المباحة والمشروعة في الإسلام، إلا أن هناك بعض الأخطاء الشائعة التي قد يقع فيها البعض عند تطبيقها، ومن أبرز هذه الأخطاء:

1. الاستعانة بطرق غير شرعية:
   مثل استخدام الطلاسم، أو الدعاء على الأشخاص بشكل غير مشروع، أو الاعتماد على الخرافات.

2. الاعتقاد بأن الرقية وحدها كافية:
   يعتقد البعض أن الرقية وحدها يمكن أن تحل جميع المشاكل الصحية والروحية دون الحاجة إلى متابعة العلاج الطبي أو النفسي.

3. الاعتماد على الراقي بشكل كامل:
   بعض الأشخاص قد يعتقدون أن الشفاء يأتي فقط من الراقي، في حين أن الشفاء الحقيقي هو بيد الله سبحانه وتعالى، ويجب أن يكون الراقي مجرد وسيلة تُضاف إلى التدابير الأخرى.

4. أداء الرقية بطريقة غير صحيحة:
   مثل القراءة بسرعة أو بشكل غير واضح، مما يقلل من فاعلية الرقية.

الخاتمة

الرقية الشرعية هي إحدى الوسائل التي حثّ الإسلام عليها للوقاية والعلاج من الأمراض الروحية والجسدية. ويجب على المسلم أن يتبع الطريقة الصحيحة في استخدامها، مع التمسك بالنصوص الشرعية وتجنب الأخطاء الشائعة. إنَّ الإيمان الكامل بأن الشفاء بيد الله وحده، مع اتباع الأسس الصحيحة للرقية، يسهم في تعزيز الشفاء الروحي والجسدي، ويجعل المسلم في مأمن من الأذى الذي قد يصيبه.